كراس التداول وأهميته وعمله وكيفية إعداده
المقدمة
يُعتبر كراس التداول من الوثائق التربوية والإدارية الأساسية داخل المؤسسات التعليمية، إذ يمثل أداة عملية تنظّم سير العمل وتضمن متابعة دقيقة لكل ما يحدث في القسم أو المؤسسة. فهو ليس مجرد دفتر عادي، بل يعد مرجعًا إداريًا وتربويًا يُعتمد عليه لتوثيق الأحداث اليومية والملاحظات الهامة التي تخص التلاميذ أو سير الدروس أو حتى نشاطات الإدارة والأساتذة. ومن خلاله يمكن لأي أستاذ أو مسؤول الاطلاع على ما جرى سابقًا ومواصلة العمل دون انقطاع، الأمر الذي يجعله أداة للتنسيق والتكامل بين جميع الفاعلين في العملية التعليمية.
إن الحديث عن كراس التداول يقودنا إلى استعراض أهميته البالغة في المدرسة، ودوره في توثيق العمل التربوي والإداري، إضافةً إلى شرح كيفية استعماله وإعداده بالشكل الصحيح ليؤدي وظيفته المرجوة. في هذه المقالة سنحاول الإحاطة بمختلف الجوانب المتعلقة به من حيث تعريفه، أهميته، وظيفته، ثم خطوات إعداده وتوظيفه داخل المدرسة.
أولاً: تعريف كراس التداول
كراس التداول هو سجل رسمي يوضع عادةً في القسم أو في إدارة المؤسسة، يُسجل فيه كل ما له علاقة بسير اليوم الدراسي، بدءًا من حضور التلاميذ وغيابهم، مرورًا بالملاحظات الخاصة بسلوكياتهم أو مستواهم، وصولاً إلى تدوين المستجدات التي يراها الأستاذ أو المدير ضرورية لإعلام من يأتي بعده.
بمعنى آخر، يُعتبر كراس التداول دفتر متابعة جماعية، يتداول عليه الأساتذة والإدارة، ويُكتب فيه بشكل متسلسل ليشكل وثيقة إدارية ذات قيمة مرجعية، يمكن العودة إليها عند الحاجة للتحقق من واقعة معينة أو لتتبع وضعية خاصة.
ثانياً: أهمية كراس التداول
تنبع أهمية كراس التداول من كونه يحقق مجموعة من الأهداف التربوية والتنظيمية، يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
-
التوثيق الإداري:
كراس التداول يوثق كل الأحداث اليومية التي تقع داخل القسم أو المؤسسة، مما يجعله بمثابة سجل تاريخي يمكن العودة إليه عند الحاجة لمعرفة ما جرى في يوم معين. -
استمرارية العمل:
يساعد هذا الكراس على ضمان استمرارية العمل بين الأساتذة، فالأستاذ الذي يدرس في الفترة الصباحية يدون ملاحظاته، ليطلع عليها أستاذ الفترة المسائية فيعرف ما يجب متابعته أو تفاديه. -
التنسيق بين الإدارة والمعلمين:
يشكل أداة تواصل مباشرة بين الطاقم الإداري والتربوي، حيث يمكن للمدير أو الناظر أن يوجه ملاحظاته للأساتذة من خلاله، كما يمكن للأستاذ أن يسجل فيه ما يراه ضرورياً لإبلاغ الإدارة. -
المتابعة التربوية للتلاميذ:
من خلال تدوين حالات الغياب، السلوكيات غير المرغوبة، أو حتى المواقف الإيجابية، يصبح بالإمكان متابعة التلميذ على المدى الطويل ومعرفة تطوره أو تكرار مشاكله. -
الشفافية والمسؤولية:
بما أنّ كل ما يُسجل في الكراس يصبح وثيقة رسمية، فإنه يحفز الأساتذة على الالتزام بالانضباط والموضوعية، ويتيح للإدارة الاطلاع بوضوح على ما يحدث داخل القسم. -
الدعم القانوني عند الحاجة:
في بعض الحالات، يُستعمل كراس التداول كوثيقة مرجعية قانونية عند حدوث خلافات أو شكاوى، حيث يُعتمد على ما تم تدوينه فيه لإثبات واقعة معينة.
ثالثاً: عمل كراس التداول
يمكن القول إن كراس التداول يعمل كحلقة وصل دائمة بين مختلف عناصر العملية التربوية. وطريقة عمله تكون وفق آلية يومية منتظمة، حيث يدوّن فيه الأستاذ أو المراقب أو المدير ما يلي:
-
تسجيل الغيابات:
يتم تدوين أسماء التلاميذ الغائبين في كل حصة، مما يسمح بمتابعة حالات الغياب المتكرر والتدخل المناسب. -
الملاحظات التربوية:
يكتب الأستاذ ملاحظات حول سلوك التلاميذ أثناء الدرس، مدى انضباطهم، أو ملاحظات بيداغوجية تخص سير العملية التعليمية. -
التعليمات الإدارية:
يُسجل فيه المدير أو المساعد التربوي التعليمات التي تخص الأساتذة أو التلاميذ، مثل التذكير بنشاط مدرسي أو إبلاغ عن اجتماع. -
متابعة الأحداث الطارئة:
في حال وقوع حادث داخل القسم أو المدرسة (شجار، إصابة، عطل...) يتم تدوينه في الكراس ليكون مرجعًا لاحقًا. -
التسلسل الزمني:
يعتمد كراس التداول على الكتابة اليومية المتواصلة، ما يعني أن كل حدث أو ملاحظة توضع في تاريخها ووقتها المناسب، مما يمنح صورة دقيقة عن سير المؤسسة.
رابعاً: كيفية إعداد كراس التداول
إعداد كراس التداول ليس أمرًا عشوائيًا، بل يحتاج إلى تنظيم معين حتى يؤدي وظيفته كما يجب. ويمكن إعداد هذا الكراس وفق الخطوات التالية:
-
اختيار شكل الكراس:
يفضل أن يكون الكراس كبير الحجم (دفتر 200 أو 300 صفحة مثلاً) حتى يتسع للكتابة اليومية لفترة طويلة، كما يُفضل أن يكون ذا غلاف متين لحمايته. -
ترقيم الصفحات:
يجب ترقيم الصفحات مسبقًا حتى لا يكون هناك مجال لإضافة صفحات أو حذفها بشكل غير مشروع. -
تخصيص الغلاف:
يُكتب على الغلاف الخارجي اسم المؤسسة، السنة الدراسية، وعبارة "كراس التداول" بوضوح، مما يضمن رسميته وسهولة التعرف عليه. -
تنظيم محتواه:
عادة ما يُترك لكل يوم صفحة أو أكثر حسب الحاجة، مع الإشارة إلى التاريخ في أعلى الصفحة، ويُكتب أسفلها تسلسل الأحداث والملاحظات. -
وضوح الكتابة:
يجب أن تكون الكتابة بخط مقروء وواضح، ويفضل أن تُكتب الملاحظات باختصار ودقة دون إطناب أو عبارات شخصية. -
احترام التسلسل:
يكتب كل أستاذ أو إداري ملاحظاته في وقتها مباشرة بعد انتهاء الحصة أو الحدث، ولا يجوز ترك فراغات أو العودة للكتابة في وقت لاحق إلا للضرورة. -
ختم التوقيع:
في نهاية كل تدوين، يوقّع الأستاذ أو المسؤول باسمه للتأكيد على صحة ما كتب. -
حفظ الكراس:
يوضع الكراس في مكان محدد معروف للجميع (غالبًا عند المراقب التربوي أو في مكتب الإدارة) حتى يكون متاحًا لكل من يحتاج إليه.
خامساً: إرشادات للاستعمال الجيد
حتى يحقق كراس التداول أهدافه التربوية والإدارية، ينبغي مراعاة جملة من الإرشادات:
-
تجنب استعماله لكتابة تعليقات شخصية أو غير رسمية.
-
التركيز على الأحداث المهمة فقط، وعدم تحويله إلى دفتر مذكرات مطولة.
-
كتابة الملاحظات بلغة رسمية بعيدة عن التحيز.
-
الالتزام بالتسلسل الزمني وعدم ترك فراغات بين الأحداث.
-
الحرص على أن يطلع المدير والمراقب التربوي على محتواه بشكل دوري.
الخاتمة
إن كراس التداول ليس مجرد دفتر عادي يُحفظ على رفوف الإدارة، بل هو سجل يومي حيّ يعكس الحياة المدرسية بكل تفاصيلها. أهميته تكمن في أنه يضمن التواصل بين مختلف الفاعلين التربويين، ويحافظ على استمرارية العمل، كما يوفر مرجعًا قانونيًا وإداريًا يمكن الاعتماد عليه عند الحاجة.
وعمل هذا الكراس يظل مرتبطًا بمدى التزام الأساتذة والإدارة باستعماله بشكل منتظم وموضوعي، إذ كلما كان التدوين فيه دقيقًا وواضحًا، زادت قيمته وفعاليته. أما إعداده فيتطلب تنظيمًا شكليًا ومضمونيًا، بدءًا من اختيار الدفتر المناسب، مرورًا بترقيم الصفحات وتنظيم المحتوى، وصولاً إلى وضع قواعد صارمة للاستعمال.
وبالتالي، فإن كراس التداول يعد أداة أساسية داخل المدرسة، تساهم في ضبط العمل اليومي، وتحسين التواصل، وتوثيق النشاطات، مما يجعله عنصرًا لا غنى عنه في أي مؤسسة تربوية تسعى إلى الجودة والانضباط.
إليك أنموذج لكراس التداول A5 قابل للتحميل والمعاينة
👇👇👇👇👇👇👇👇👇
تعليقات